القراءه في الكتاب والسنة

Publié le par Mohammed Nadhir Salem

أكثر ما يحزنني أنَّ المسلمين في هذا العصر لا يقرؤون , وإذا قرؤوا , فإن أكثرهم لا يفكّرون" " د. فؤاد سيزكين " 

للقراءة دورٌ مهمٌ جداً في بناء المجتمعات و ترقيها للأفضل.. فهي أداة أساسية تعلم البشر. 
و لم نصل إلى هذا المستوى من العلوم و التكنولوجيا إلا بسبب العِلِم والمعرفة. 

كان للمسلمين دورٌ كبيرٌ جداً في هذا المجال , فقد وصلوا إلى مستوى عالٍ جداً من المعرفة , لدرجة أن بعض المراجع الطبية العربية التي ألّفها علماء العرب ظلّت مرجعاً أساسياً في بعض جامعات أوروبا لمدة 500 عامٍ تقريباً ! 
فالمسلمون هم من أخرجوا أوروبا من ظلمات الجهل و التخلف , و أخرجوا بقية الأمم الأخرى من نفس هذا النفق الكئيب. 

" في الحقيقة , فإن الإسلام يريد من المجتمع المسلم أن يكون مجتمعاً مفكراً و متحضراً في العلوم وفي شتى أشكال التعلم , وهذه أهداف أساسية للإسلام , وإذا كان ذلك لم يحصل للمسلمين , فإن أوروبا كانت سوف لن ترى مطلقاً طريق النهضة و عصر العلم الحديث ولم تبزغ مطلقاً " 
" وتلك الأمم التي تلقت معرفتها للعلوم من أوروبا هي في الحقيقة متتلمذة بطريقة غير مباشرة على المجتمع المسلم في الماضي , فالإنسانية تدين للإسلام بدَينٍ لا يمكن ردّه , وفضله لا يمكن نسيانه " 

ولأهمية القراءة في الإسلام كانت أول كلمة في أول سورة نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، هي أمره بالقراءة بادئا باسم الله، كما قال تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [1] ثم كرر الأمر بها فقال: (اقرأ وربك الأكرم)[3] العلق. 

وأمر الله هذه الأمة بالقراءة في سورة هي من أول السور المكية نزولا فقال لهم: (فاقرءوا ما تيسر من القرءان .. فاقرءوا ما تيسر منه) [20 المزمل] 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما العلم بالتعلم " السلسلة الصحيحة 1/605 

إذا قلبنا الصفحة من السيرة رأينا موقفًا آخر رائعًا وغريبًا جداً على الزمن الذي حدث فيه، وعلى غيره من الأزمنة.. حتى زماننا! 
إنه موقف فداء الأسرى في بدر... 
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من الأسير المشرك الذي يريد فداء نفسه من الأسر تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة!! هذا شيء غريب جداً.. وخاصة في ذلك الزمن الذي انتشرت فيه الأمية... 
لكن القراءة والكتابة والتعلم احتياجات ضرورية لأي أمة تريد النهوض والتقدم والرقي.. 
وإذا نظرنا إلى حال المسلمين أيام بدر وجدناهم في حاجة إلى الأموال وفي حاجة إلى الاحتفاظ بالأسرى للضغط على قريش، أو الاحتفاظ بهم لتبادل الأسرى إذا أسر مسلم، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يفكر فيما هو أهم من ذلك كله، وهو أن يعلم المسلمين القراءة... كانت هذه نقطة هامة في فكر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني أمة الإسلام بناءً متكاملاً.. 

حتى أن الصحابي الذي يستطيع القراءة كان يُقدَّم على أصحابه.. انظر إلى زيد بن ثابت رضى الله عنه الذي قُدم على كثير من الصحابة، وصار ملاصقاً للرسول صلى الله عليه وسلم بصفة شبه دائمة لأنه يُتقن القراءة والكتابة.. فصار كاتبًا للوحي، وكاتبًا للرسائل ومترجما للسريانية والعبرية.. كل ذلك بينما كان عمره ثلاثة عشر عامًا فقط!! 

وكلنا يعرف أبا هريرة رضي الله عنه كيف كان حفظه، كان أكثر الصحابة حفظًا لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لننظر ماذا قال عن نفسه كما جاء في البخاري: "مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي" 
ومع هذا الدرجة فهو يرفع فوقه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.. لماذا؟ 
لأنه يقرأ.. ويكتب.. يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.. فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ". 
لهذه المواقف – ولغيرها - غُرس حب القراءة في قلوب المسلمين، وكانت المكتبات الإسلامية في التاريخ الإسلامي من أعظم مكتبات العالم، بل أعظمها على الإطلاق ولقرون طويلة: مكتبات بغداد وقرطبه وإشبيلية وغرناطة والقاهرة ودمشق وطرابلس والمدينة والقدس.... تاريخ طويل جداً من الثقافة والحضارة والعلم.. 
هذه هي قيمة القراءة في الميزان الإسلامي.. 
وهذه هي قيمة القراءة في تاريخ المسلمين.. 
ومع كل هذا التاريخ وكل هذه القيمة إلا أن أمة الإسلام – للأسف الشديد – تعانى اليوم من أمية شديدة!!.. انتكاسة حقيقية في أمة القرآن..انتكاسة في الأمة التي كانت ولا زالت أول كلمة في دستورها: "اقرأ"!! "د/راغب السرجانى القراءة منهج حياه " 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article