غزة.... أو عندما تستمر المعاناة

Publié le par Mohammed Nadhir Salem

المكان: قطاع غزة فلسطين

الزمان: ليلة رأس السنة الهجرية الجديدة

الأحداث: هي نفسها منذ أكثر من 60 عاما

أحداث اعتاد عليها شعب يعيش تحت نير الظلم و الاحتلال. هي أحداث اعتاد عليها شعب يحلم بوطن حر آمن, شعب قدم ألاف الشهداء و ضحى بأرواح شبابه و بناته و أطفال من أجل رفع راية فلسطين فوق قباب الأقصى. نفس المشهد يتكرر كل يوم. أطفال بعمر الزهور يرموا الحجارة في السماء منادين :" نموت و تحيا فلسطين" و في الجهة المقابلة, رصاص صهيوني يجد طريقه الى الصدور و الأجساد معلنا عن شهيد جديد تصعد روحه الى جنان الفردوس. و في زاوية أخرى من المشهد, ترى شيخا يقود سيارة متجها الى عمله بحثا عن لقمة العيش. ولكن, في وسط الطريق, تصيده الصواريخ الصهيونية فتفجر سيارته و تحول جسده ألى أشلاء مخلفا وراءه أما ثكلى و أرملة و أطفالا يتامى. هكذا هو المشهد في غزة و نابلس و الخليل و رام الله و في كل شبر من تراب فلسطين الجريحة. فلسطين التي تنزف دما و لا أحد يبالي بجرحها. 

 تابعت الأحداث المتتالية في فلسطين كما تابعها الجميع تقريبا. و شاهدت صور الخراب و الدمار الذي لحق بإخواننا هناك. و أحسست بالحزن و الألم الشديدين ليس فقط لأجل من استشهد و قضى نحبه دفاعا عن وطنه و أهله. و لكن للصمت العربي المهين و المخجل تجاه هذه الأحداث. لقد أصبحنا غير مبالين بما يعانيه أشقاؤنا من ظلم و اضطهاد. لقد أصبحنا أجسادا بدون أرواح. ماتت ضمائرنا و فقدنا أحاسيسنا. غابت عنا كلمة الانسانية من قاموس مشاعرنا. نرى صور الجثث و المنازل المحطمة و لا تتحرك لنا أي شعرة. أ لهذا الحد أصبحنا أذلاء ؟ هل ربط على قلوبنا فلم نعد نسمع بكاء الأطفال و أنين الجرحى و صرخات الثكلى ؟ هل أصبحنا صم بكم عمي فلم نعد نعي بما حولنا؟  أسئلة تطرح نفسها بأحرف من نار في خضم هذه المجزرة التي تشهدها غزة. و ما يجعل الأمر مؤلما أكثر: اعلام عربي يصف الشهداء بالقتلى. و حكومات عربية اتخذت النعامة مثلا فلم تنبس ببنت شفة طوال يومين أو أكثر.

نمت البارحة و صور الشهداء لم تفارق مخيلتي , بل كانت تلك المشاهد أحلاما مرت علي طوال الليل. و لكنني كنت آمل أن أستيقظ صباحا على ردة فعل حقيقية تجاه هذا العدوان الغاشم التي أتى على الأخضر و اليابس. و لكن يا لخيبة المسعى. فقد كانت ردودا باردة كجليد القطب الشمالي و كأن الأمر لا يتعلق بشعب يقاسمنا نفس الدين و اللغة و الانتماء. ردود ورقية لا تسمن و لا تغني من جوع. استمعت في الصباح الى أحد الدبلوماسيين على موجات الراديو و هو يقول بالحرف الواحد: "نحن سئمنا من بيانات التنديد و الاستنكار... سوف نقوم بردة فعل حقيقية... سنقدم بيان ادانة لدى الامم المتحدة" أريد أن أسأل هذا المسؤول المحترم سؤالا بسيطا : " هل تظننا أغبياء الى حد أنه يمكننا تصديق هذه الترهات ؟ " لقد سئمنا البيانات الفضفاضة التي تعبر عن عجز و ضعف. لقد سئمنا هذه الأوراق التي تطل علينا كل حين تعبيرا عن موقف العرب من الهجمات المتكررة. عفوا, هذه البيانات قد تمثلكم ربما و لكنها لم و لن تمثلنا. نحن نطالب بمواقف عملية و ليست ردودا تكتب حبرا على ورق. لماذا لا تكون هناك مساعدات انسانية لأهل غزة؟ لماذا لا نتحد و نفرض واقعا جديدا أمام المجتمع الدولي ؟ ما الذي يمنعكم من أن تمنعوا امدادات النفط و الغاز الى أعدائنا؟ أ ما كان حريا بنا أن نرسل هذه الثروات الى اخواننا الذين يعانون من نقص في الوقود و الكهرباء و الغاز؟  يا أصحاب السيادة في الدول العربية, أنصحكم بأن تذهبوا الى غزة و تشاهدوا الحياة هناك و من ثم حكموا ضمائركم و أجيبوا على أسئلتي. أعلم لماذا لا تستطيعون أن تفعلوا هذا كله و أعلم كذلك ما الذي يمنعكم و لكنني أطلب منكم أن تستمعوا الى أصوات ضمائركم.

وختاما أريد أن أفول لك الله يا غزة فقد خذلك أشقاؤك و تركوك تعاني مرارة الاحتلال. لا نملك لك سوى الدعاء و التضرع الى الله بأن يرحم شهدائك و يجعل مثواهم الجنة. غزة لا زالت تدافعين عن النخوة العربية التي تداعت معظم أركانها و بقيت وحدك صامدة أمام هذه الهجمات. كنت و لا زلت تثبتين لنا أننا صغار جدا أمام عظمة سكانك. فليكن الله معكم يا أهلنا في فلسطين ما دمنا عاجزين عن نصرتكم فقد ذهبت تلك الأيام التي كان فيها المؤمنون جسدا واحدا. ذهبت تلك الأيام التي كان فيها غضب المسلمين جيوشا لا يعرف لها آخر. أما الآن فقد أصبحنا نغضب بنشر مقاطع الفيديو على الشبكات الاجتماعية. و السؤال الذي يطرح:" متى تستعيد أمتنا كرامتها ؟ "

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article