الشباب المسلم أمام اختبار كرة القدم الصعب*

Publié le par Mohammed Nadhir Salem

هى سر الله فى خلقه, هى ما عجز عن معرفتها أكبر علماء الأرض و هى الشىء الوحيد الذى لن يستطيعوا استنساخه و الى قيام الساعة. 
الروح هى ملك لله تعالى و هى سر الحياة و بدونها يتحول الجسم الى قطعة من اللحم لا حراك فيه قال الله فيها" ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا". هى شىء غير مرئى و لا ملموس و لكنك تراه مترجما فى أخلاق الإنسان وفى معاملاته وفى حياته كلها و بسبب أنها سر من الله فى الإنسان فتزكيتها يكون بالسير على ما أمر الله به و وصى به بنى آدم وهى المكون الأول والأساسى فى حياة الإنسان. 
أما المكون الثانى فهو الجسد وهو عبارة عن لحم وعظم. وتكون تزكية هذا الجسد بالإهتمام به من مطعم ومشرب وراحة ...الخ 
ولعل من أهم الأشياء التى تعطى الجسد حقه هى الرياضة! إذا وضعنا الكلمتان معاً الروح والرياضة يكونان موضوع هذه المقالة و هى الروح الرياضية!

                                                                         مصر والجزائر


ما دفعنى لكتابة هذا الموضوع هو وضع نعيشه كلنا فى شوارعنا وفى بلادنا ونراه بأعيينا وهو تدهور رهيب لهذا المعنى والمفهوم ولعل أكثر ما أظهره هى تلك الفترة التى نعيشها فى عالم كرة القدم وهى التصفيات المؤهلة لأكبر بطولة كرة قدم على الأرض وهى كأس العالم. 
مصر والجزائر كما تعلمون يتنافسون بضراوة على بطاقة تأهل واحدة والمنافسة فى حد ذاتها شىء مشروع و صحى للمجتمع وقد حثنا عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم وكان يحث أصحابه على التنافس فى كل أمور الحياة بل كان يحب هو بنفسه صلى الله عليه و سلم أن يتنافس فتراه مرة يصارع أقوى مصارع فى الجزيرة العربية ويغلبه وتراه مرة يتسابق مع زوجته السيدة عائشة رضى الله عنها فتسبقه و يسبقها ثم يضحك لها و يقول "هذه بتلك" و لكن كل هذا فى إطار أخلاقى و تنافسى بحب وود و لهدف أيضاُ. لكن ما نراه الآن فى وسائل الإعلام المصرية والجزائرية هو أمرة لا يصدقه العقل! تكاد الأمور تصل الى الحرب ولما لا وأنت ترى بعض الجماهير الجزائرية أو المصرية تموت بعد مباراة و ترى سب و قذف وترى صحفاً تنشر الكره و العداوة بين الشعبين وكل هذا من أجل مجرد لعبة رياضة في المقام الأول. 
أنا لا أقلل من حجم الحدث نفسه فأنا نفسى عاشق لكرة القدم. ولعل من حق الجماهير المصرية والجزائرية أن تنتظر نصر فريق بلادها بفارغ الصبر ولكن أين الروح التى أمرنا الله تعالى بتزكيتها و أين الرياضة بمعناها الحقيقى وسط كل هذا؟ من هذا المنطلق سأضرب لكم أمثالاً فى الروح الرياضية من إسلامنا و من حياتنا العصرية ليتذكرها المصريين و الجزائريين و كل الناس أيضاً.

                                                         القرآن يعلمنا الروح الرياضية!! 

ولقد علمنا القرآن معنى قريب من معنى الروح الرياضية , فقد نزلت هذه الآية بعد هزيمة المسلمين في بدر , قال تعالى : أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) آل عمران وقد نزلت هذه الآية كما تعلمون تعقيباً على أحداث غزوة أحد وسببها أن المسلمين هزموا الكفار يوم بدر ، وهزموهم أيضاً في القترة الأولى يوم أحد ، ثم لما عصوا هزمهم المشركون ، فانهزام المشركين حصل مرتين ، وانهزام المسلمين حصل مرة واحدة {قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا} هو التنبيه على أن أمور الدنيا لا تبقى على نهج واحد ، فلما هزمتموهم مرتين لا تستبعدون في أن يهزموكم مرة واحدة. الله تبارك وتعالى يعلم أصحاب النبى أن يتتقبلوا الهزيمة وأن يفكروا فى أسبابها وأن يعملوا على عدم الوقوع فى أخطائها مرة أخرى وهذا هو أساس الشعور في الروح الرياضية! 

                                                      الرسول يعلمنا الروح الرياضية!!

عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ:كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَاقَةٌ تُسَمَّى الْعَضْبَاءَ ، لاَ تُسْبَقُ - قَالَ حُمَيْدٌ : أَوْ لاَ تَكَادُ تُسْبَقُ - فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ فَسَبَقَهَا ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، حَتَّى عَرَفَهُ ، فَقَالَ : حَقٌّ عَلَى اللهِ أَنْ لاَ يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ وَضَعَهُ. أنظر كيف نظر رسول الله صلى الله علبه و سلم الى هزيمة ناقته؟ أرجع الأمر أولاً و آخراً الى الله و أن هذا هو حال الدنيا فلم يغضب قط.. 
الثانية فعن عروة عن عائشة قالت : خرجت مع النبي صلى الله عليه و سلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالى حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عنى حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالى حتى أسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك. . 

                                                      المنافسة من أجل هدف لا لأجل التعصب!!


ذكر ابن سعد في (الطبقات): لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد وعرض أصحابه فرد من استصغر، رد سمرة بن جندب، وأجاز رافع بن خديج، فقال سمرة لوالده: " يا أبت، أجاز الرسول صلى الله عليه وسلم رافع وردني، وأنا أصرع رافع بن خديج، فقال:" يا رسول الله: رددت ابني وأجزت رافع بن خديج وابني يصرعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرافع وسمرة: " تصارعا "، فصرع سمرة رافعاً، فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد فشهدها مع المسلمين. أنظر لإقرار النبى للمنافسة و أنظر الى الروح التى بين الولدين و أنظر الى الهدف الذى يتصارعان من أجله!! 

                                                                     أمثلة من واقعنا! 

في عام 1999 اتخذ اتحاد الكرة الإنجليزي قراراً تاريخياً عندما وافق على إعادة مباراة جمعت فريقي الارسنال وشيفيلد يونايتد في دور ال16 لمسابقة الكأس بناء على طلب مدرب الأرسنال (أرسين فينجر) الفرنسي رغم أن فريقه هو المنتصر وهي سابقة لم تحدث في تاريخ الإتحاد الإنجليزي وربما تكون الأولى في تاريخ اللعبة. 
فقد طلب فينجر من اتحاد الكرة الانجليزي في برقية عاجلة إعادة مباراة فريقه في دور ال16 لبطولة كأس الاتحاد رغم فوز فريقه (الارسنال) 2/1 على (شيفيلد يونايتد) وقال فينجر ( لقد ارتكبنا خطأً كبيراً ولا يمكن أن نقبل الفوز بهذه الطريقة حيث كانت المباراة في دقائقها الأخيرة والنتيجة التعادل1/1 وأصيب لاعب من الارسنال ، ومن باب اللياقة رمى لاعب شيفيلد الكرة خارج الملعب لعلاج اللعب المصاب ، وبعد العلاج لم يحترم لاعبو الارسنال موقف الفريق المنافس الذي تحلى بالروح الرياضية بأن يعيدوا الكرة إلى الفريق الذي تعمد إخراج الكرة حتى يتمكن الحكم من استدعاء طبيب الفريق لعلاج اللعب المصاب ، ومن هذه الكرة ذهب النيجيري (كانو) ليلعب رمية التماس فلعبها إلى زميله (مارك اوفرمارس) بسرعة لينجح في احراز هدف الفوز، وقد أثار هذا الموقف غضب لاعبي شيفيلد وحاولوا الاعتراض على الحكم الذي احتسب الهدف لأنه سليم 100%، وبالفعل أعيدت المباراة ونجح الارسنال في الفوز بها عن جدارة واستحقاق، وفاز أيضاً بإحترام العالم كله. 


                                                قمة الروح الرياضية بمعناها الحقيقى! 

دخل محمد رشوان تاريخ رياضة الجودو كبطل مصرى معروف في الدورات الأولمبية منذ أحرز الميدالية الفضية في أولمبياد لوس أنجلوس عام 1984، عندما تعمد الخسارة أمام الياباني "ياماشيتا" بطل العالم الذي كان مصاباً في المباراة النهائية لهذه البطولة ورفض أن يستغل إصابته و تعمد خسارة نفسه و ترك "ياماشيتا" يفوز بهذه المباراة التاريخية ليفوز الاعب اليابانى بالميدالية الذهبية و لينال هو ميدالية "الروح الرياضية" ولينال رشوان بذلك تقدير العالم واحترامه لهذا الموقف الرياضي. منحته اليونسكو جائزة اللعب النظيف عام 1985 وفاز بجائزة أحسن خلق رياضي في العالم من اللجنة الأولمبية الدولية بعد ذلك! و أنظروا ماذا قال رشوان بعد سنين؟. 
وفي لقاء جمع رشوان وياماشيتا بمصر عام 2005، قال رشوان: وأنا أمارس الجودو كنت أتطلع وأشتاق للعب مع ياماشيتا، وكان بالنسبة لي المثل والقدوة وكانت المرة الأولي التي رأيته خلالها عام 1976 ثم رأيته بعدها في ماليزيا للمرة الثانية حتى التقينا سويا في نهائي لوس أنجلوس ..1984 وعلمت قبل المواجهة أن الأسطورة الياباني يعاني من إصابة شديدة في قدمه وبالفعل رفضت أن أستغل إصابته وكان بإمكاني هزيمته لكنني فضلت التعامل معه بأخلاق الفرسان وكانت النهاية لصالحه. 
و لأنهى كلامى فإنى أرسل برسالة الى الشعبيين المصرى و الجزائرى خاصة والى كل شعوب العربية و الإسلامية بالله عليكم أروا الغرب ما يعلمنا إسلامنا و ديننا من فهم الروح الرياضية ولا تكونوا فتنة على المسلميين فينظر إلينا العالم و يقول "أنظروا كيف يكره المسلمين والعرب بعضهم من أجل مباراة كرة قدم"! علموا العالم ما علمنا نبينا صلى الله عليه و سلم وكونوا بأخلاقكم وتعاملكم فيما بينكم خير دليل على ذلك


*مقال كتبه عادل يحي 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article